ãäÙãÉ ÇáÚÝæ ÇáÏæáíÉ ÇáÕÝÍÉ ÇáÑÆíÓíÉ ãÏæäÉ مدونة بعثة العفو إلى لبنان واسرائيل: ديسمبر 2006 ÇáÇäÊÞÇá Åáì ÇáãÍÊæì ÇáÑÆíÓí
ÇáÊÕÝÍ ÇáÑÆíÓí
language links
Blogs
ÊÚÑíÝ íÇáãäÙãÉ ÊÚãã ÍÞæÞ ÇáÅäÓÇä ÇáãßÊÈÉ ÊÍÑ ßæÇ ÇáÂä ÇáÍãáÇÊ ÇÊÕáæÇ ÈäÇ ÎÑíØÉ ÇáãæÞÚ

ÇáÊÕÝÍ ÏÇÎá åÐÇ ÇáÞÓã

مدونة بعثة العفو إلى لبنان واسرائيل

الثلاثاء، ديسمبر ١٢، ٢٠٠٦

هل جواز سفرك أخضر
إن حيازتك لجواز أخضر يعد أمرا بلا جدوى وخاصة إذا كنت تريد العبور إلى غزة، أما إذا كنت من مواطني المكسيك أو الجزائر أو بنجلاديش فأعد نفسك إلى التعرض لاستجواب أمني غريب ومكثف.

من الصعوبة بمكان القبول بفكرة أن هذه الإجراءات الأمنية هي السبب الرئيسي وراء الإجراءات المشددة التي تتخذها السلطات الإسرائيلية على الحدود. المسؤولون عن منطقة الجوازات كانوا عبارة عن عدد من الجنود الإسرائيليين الذين يستمعون إلى موسيقى البوب وأكل الشيبسي وتبادل الحديث، بينما انشغل بعضهم الآخر بالتحدث عبر هاتفه الجوال

أحد أعضاء وفد منظمة العفو الدولية من بنجلاديش وكانت لديها فيزا تسمح بالدخول لإسرائيل مرة واحدة، ولكننا اكتشفنا أن الإجراءات قد تغيرت وأن الإجراءات الجديدة تتطلب الحصول على فيزا متعددة للعودة إلى إسرائيل. أخبرنا الجندي الشاب:"يمكنك العبور إلى غزة ولكن لن تستطيع العودة إلى إسرائيل".

كما واجه عضو الوفد من الجزائري الجنسية مشكلة في الفيزا أيضا. وبالرغم من أن مواطني المكسيك لا يحتاجون إلى الحصول على تأشيرة دخول إلى إسرائيل.

وفي النهاية سويت مشكلة التأشيرات وانتقلنا من عالم العبث إلى عالم الواقع وشعرنا كما لو أننا قد انتقلنا إلى سجن كبير ذو حراسة مشددة.

دخلنا إلى عنبر كبير حيث يتم مراقبة كل ما يتحرك داخلة بدقة شديدة بواسطة كاميرات مراقبة بينما تستمع إلى أوامر الجنود عبر مكبر صوت غير واضح. عبرنا بوابة حديدية ضيقة تسمح بالكاد بعبور شخص واحد فقط، أما وإذا كنت تحمل حقائب فأن الأمر يصبح أكثر صعوبة، ثم عبرنا عدة بوابات أخرى يتحكم بفتحها أشخاص غير مرئيين.
المعبر كان مهجورا وكنا الأشخاص الوحيدين الذين يعبرونه.
أنا خائفة من الجنود الإسرائليين

يمتد السلك الشائك فوق التل على مرمى البصر والذي يفصل قرية بلاعيين عن حقول الزيتون والتي تمثل 75% من أراضيها. وأخبرتنا امرأة من القرية أن عائلتها فقدت كل ما تملك من أراضي ومن الدخل الذي كانت تجنيه من زيت الزيتون. ومن خلف السياج كان يمكننا رؤية الأسطح الحمراء اللون للبيوت غير المصرح بها للمستوطنين والتي تعد السبب في انتزاع أراضي الفلسطينيين.

ويذكر أن قرية بلاعين قد تحولت في الفترة الأخيرة إلى مسرحا لمظاهرات سلمية احتجاجية ينظمها أهالي القرية أسبوعيا مع نشطاء السلام الإسرائيليين والزوار الأجانب.

عند وصولنا إلى القرية، وجدنا في استقبالنا عدد من الصحفيين، وبعد خروج أهالي القرية من صلاة الجمعة قادنا أحد منظمي التظاهرة إلى المكان المخصص للتظاهر، ولكن وما اقتربنا من المكان حتى لاحظنا وجود جندي إسرائيلي فوق أسطح أحد المنازل الواقع على حافة القرية الفلسطينية.
شاهدنا عددا من الجنود الإسرائيليين بكافة تجهيزاتهم فوق أسطح أحد المنازل والذي افتراضنا للوهلة الأولى أنه خالي من السكان، ولكن المرافق لنا أخبرنا بأن المنزل يقطنه عدد من السكان الفلسطينيين وقد توقفنا للحديث معهم.

وجدنا داخل المنزل فتاة تبلغ من العمر 12 عاما مرعوبة وخائفة وقالت لنا: "أنا خائفة من الجنود الإسرائيليين" وأخبرتنا أن عائلتها تجلس في الظلام في انتظار مغادرة الجنود المنزل وأضافت أن الجنود وأمروهم بأن نبقى الشبابيك والأبواب مغلقة.

وبينما كنا نتحدث معها نشبت بعد التحرشات بين الجنود الإسرائيليين وصبية فلسطينيين. حذرنا الجنود الإسرائيليين بأن لدينا دقيقتين فقط لمغادرة المكان. وبينما كنا نسرع الخطى لمغادرة المكان بدأ الجنود الإسرائيليين في إطلاق الأعيرة النارية المغلفة بالبلاستيك والغازات المسيلة للدموع.

نحن نعرف أن عجلة البيروقراطية لا يمكن وقفها، ففي الوقت الذي كنا نحاول مغادرة المكان بسلام كنا في نفس الوقت نكتب مناشدة إلى قادة العالم.
من مسافة أمنة شممنا رائحة الغازات المسيلة للدموع بينما كنا نتبادل الحديث مع بعض المزارعين والأطفال الذين انفصلوا عن عائلاتهم.

الاثنين، ديسمبر ١١، ٢٠٠٦

يعبدون إلها واحدا ويفصل بينهما حاجزا معدنيا
لقد عبرنا ممرا ضيقا ثم بوابة حديدية لا تسمح إلا بمرور شخصا واحدا وبعدها نقطة تفتيش تابعة للجيش الإسرائيلي. عند وصولنا إلى الحرم الإبراهيمي/ جبل الهيكل في مدينة الخليل التاريخية، كان المسجد محاطا بسور يحرسه الجنود الإسرائيليين. توجهنا صوب المسجد، وفجأة صرخ الجنود الإسرائيليون بالعربية توقفوا هذه منطقة عسكرية مغلقة.

تحرك الجنود الإسرائيليون وقفوا أمامنا وقد بدت عليهم علامات العصبية وخاصة بعد أن شاهدوا الصحفيين والكاميرات التليفزيونية. وعندما طلبنا منهم الدخول إلى المسجد أخبرونا أنه لا يسمح إلا للمصلين بالدخول.

وعندما طلب اثنين من المرافقين للوفد من المسلمين الدخول إلى المسجد قال الحراس أنهم يمكنهم الدخول للصلاة ولكن ليس للزيارة. تسألنا فيما بينا كيف يمكنهم التأكد من أن الداخلين إلى المسجد ينون الصلاة وليس الزيارة. عبرنا بوابتين للتفتيش عن الأسلحة أحداهما خارج المسجد والأخرى داخله.

في داخل المسجد رحب بنا الأمام وقال: " من أجل حقوق الإنسان سوف أريكم الظلم الذي يحيق بنا". ثم أشار إلى المكان الذي قتل فيه 29 مصليا وجرح ما يقرب من 150 على يد أحد المستوطنين بعد أن قام بإطلاق النار عليهم أثناء تأديتهم للصلاة. ولا تزال بالقرب من هذا المكان آثار الطلقات النارية على الجدار.

ومنذ ذلك الحين قسم المكان بواسطة حاجز معدني ليفصل بين المصليين المسلمين واليهود. وبالرغم من أننا كنا نستطيع سماع أصوات المصلين اليهود إلا أننا لم يكن باستطاعتنا رؤيتهم. – يعبدون آله واحد ويفصل بينهم حاجز معدني.
أثناء خروجنا من المسجد لمحنا الجنود الإسرائيليين وهم يقومون بتفتيش أحد المصلين الفلسطينيين وهو الأمر الذي لم نتعرض له فقط لأننا أجانب.

الجمعة، ديسمبر ٠٨، ٢٠٠٦

حياة طفل في مدينة منفصلة إلى شطرين
بنظرة خاطفة ومتوترة، نظر سامر* إلى بوابة حديقة المنزل بينما كان يسرد لنا قصته: "لا يسمح لي باللعب داخل الحديقة -- وعندما أخرج أشعر بالذعر مما يتواجد على الجانب الآخر من البوابة. أحاول أن أكون شجاعاً من أجل عائلتي، هكذا تعودت، رغم كل شيء".

يعيش سامر، ابن الثانية عشرة ربيعاً في مدينة الخليل، تلك المدينة الفلسطينية التي يقطنها (120.000) فلسطيني بالإضافة إلى مجموعة صغيرة تقارب (400) مستوطن إسرائيلي يعيشون في وسط المدينة. يقع منزل سامر في محاذاة المستوطنة. لذلك، فهو لا يستطيع مغادرة البوابة الأمامية لمنزله خشية التعرض لهجوم. يتوجب على عائلة سامر أن يتسلق طريق شديد الانحدار حتى تستطيع الوصول إلى البوابة الخلفية للمنزل-- وهو نفس الطريق الذي سلكناه الليلة الماضية. كما أنه يتوجب على عائلة سامر الانصياع لأوامر الجنود الإسرائيليين بعدم إقفال الأبواب حتى تتاح لهم حرية الذهاب والعودة كما يشاؤون.

أخبرتنا والدة سامر، نادية، أنها لا تنعم بنوم جيد أثناء الليل "إذا لم نترك الأبواب مفتوحة؛ فإننا نعرف أنهم ببساطة سيفجرونها، عادة ما يأتي الجنود الساعة الواحدة أو الثانية صباحاً لتفتيش المنزل".

يقول سامر إن الأطفال المستوطنين على الجانب الآخر من البوابة لا يتحدثون إليه مطلقاً -- على الرغم من أن الجنود يفعلون ذلك في بعض الأحيان "عندما أشعر بالشجاعة وأخرج للعب في الحديقة، يطلب مني الجنود أن أذهب بعيداً".
وفجأة، وبينما كنا نستمع إلى سامر وعائلته، عبر جنديان إسرائيليان حديقة العائلة في الظلام ودخلوا إلى المنزل. كانت الأجواء متوترة في تلك اللحظة. طلب الجنود رؤية البطاقات الشخصية للوفد، بالإضافة إلى البطاقات الشخصية الخاصة بالصحفيين الذين قاموا بتصوير الزيارة.
ويبدو أن أضواء الكاميرا المتجهة صوبهم جعلتهم يغادرون خلال فترة قصيرة، ومع ذلك، فقد تركوا انطباع ليس من السهل نسيانه. أما والد سامر فقد كان يرتجف.
هز سامر كتفيه قائلاً:" لقد تعودنا على ذلك".
عندما غادرنا قالت لنا والدة سامر عندما يأتي ضيوف لزيارتنا، يأتي الجنود في الليل، ويقلبون بيتهم رأساً على عقب.

* تم تغيير الأسماء لدواع أمنية
آثار صواريخ القسام في بلدة سديروت الإسرائيلية

منظمة العفو الدولية في إسرائيل

تركت صواريخ القسام، والتي أطلقت على بلدة سديروت الإسرائيلية، أثاراً واضحة. وقد عرض لنا رئيس البلدية ثمانية صور لأشخاص قتلوا. كما أخبرنا عن أطفال مذعورين لا يستطيعون النوم، وعن حدائق وشوارع البلدة الخالية.
وأضاف، إن الآثار بعيدة المدى لصواريخ القسام، نتج عنها توقف 20% من أعمال البلدة، إضافة إلى صعوبة جذب الناس للعمل فيها.ولا تزال أكوام من بقايا صورايخ القسام المنفجرة موجودة في موقف سيارات مركز الشرطةكشاهد على ما تعرضت له منازل هذه البلدة. ومن المعروف أن هذه الصواريخ البدائية والمحلية الصنع لا يمكن أن تصيب أهدافها بدقة. كانت محطتنا الثانية مدرسة داخل البلدة، الأطفال هنا لا يختلفون عن سواهم في مدارس أخرى، إلا أنهم يتحدثون عن الخوف أكثر من الأمل. وفي غرفة الدراسة، شرح لنا أحد التلاميذ كيف أصيب قريبه بجروح جراء سقوط صواريخ القسام على البلدة. وبالرغم من ذلك، يعرف هؤلاء الأطفال ماذا يريدون، وقد أخبرتنا فتاة تبلغ من العمر ثمانية أعوام أنها تتمنى أن يأتي الوقت الذي تتوقف فيه الصواريخ عن السقوط على البلدة. وفي مستشفى "برازيلاي" القريب، يرقد "سنير" ابن السبعة عشر عاماً، حيث أصابه أحد صواريخ القسام منذ ثلاثة أسابيع بينما كان يجلس خارج منزله. ويخبرنا سنير أن شقيقته كانت قد مرت من أمامه قبل سقوط الصاروخ بلحظات، ولكنها كانت أكثر حظاً منه. وبالرغم أنه يتشوق للعودة إلى المنزل؛ إلا أنه يجد أن منازل سديروت لم تعد آمنة. وفي مركز إعادة التأهيل، أخبرتنا "نوميكا" إن الناس يشعرون بالخوف، إضافة إلى الغضب والإحباط. ولكن تلك النداءات التي تدعو إلى الثأر والانتقام: "تدمير بيت حانون" و"تدمير غزة تدميراً كلياً" تروعها. وهي تعتقد أنه يجب أن لا يؤولوا جهداً في السعي إلى السلام مع

الخميس، ديسمبر ٠٧، ٢٠٠٦

الخيمة الخاصة



على خلاف الخيام البيضاء المنتصبة من قبل المعارضة السياسية في أكبر ميادين العاصمة اللبنانية بيروت؛ كانت هناك خيمة واحدة خضراء اللون، ولم تكن مزينة بالأعلام كما باقي الخيام، بل بصور قديمة لرجال من أعمار مختلفة، بعضهم في زيه العسكري. وفي داخل الخيمة، لم يكن هناك متظاهرون، ولكن مجموعة من النساء المتقدمات في العمر.

مضى على وجود هذه الخيمة أكثر من عام. إنها الخيمة الخاصة بعائلات المفقودين.

ذهبنا لزيارتهن بيروت في وقت متأخر من مساء هذا اليوم بعد أن غادرنا المبنى الرئيسي للأمم المتحدة.

تجاوزنا الخيام الأخرى المقامة على رقعة من المساحة الخضراء. وعند وصولنا خرجت النساء من الخيمة لاستقبالنا وأحضرن مقاعد بلاستيكية للجلوس أمام الخيمة.

هؤلاء النسوة هن أمهات ، زوجات، وأخوات لرجال لبنانيين مفقودين من لبنان خلال العقود الماضية. تعتقد معظم العائلات أنه تم أخذهم إلى سوريا. بعض هؤلاء المختفين كانوا جنوداً في الجيش اللبناني مثل جهاد جورج والتي أخبرتنا والدته (سونيا) كيف استطاعت أن ترى ابنها في مركز احتجاز (فرع فلسطين) سيء الصيت في دمشق عام 1991 من خلال اتصالات شخصية.

كان جهاد مقيد مع المعتقلين الآخرين ويبدو بحالة صحية سيئة. كان هذا قبل 15 عاماً. وهي الآن تتشوق لمعرفة أخباره، هو والمعتقلين الآخرين. عودت سالم لا تعرف ما حدث لابنها ريتشارد وابنتها ماري- كريستين منذ اختفائهما عام 1985، وقد تناولت منظمة العفو الدولية قصتهما في التقرير السنوي لعام 1997.
وأثناء حديثنا وصل رامي صليبا، من جمعية التضامن مع المعتقلين اللبانيين (سوليد). حيث قدم لنا عرضاً عن نشاطات الجمعية. لم نستطع سماع كل الشهادات. ولكننا طلبنا منهن تزويدنا بأسمائهن وأسماء أقاربهن المفقودين.

إنهن يتحرقن شوقاً لمعرفة مصير أقاربهن وما زال لديهن أملاً ولو كان ضئيلاً بأن يتحرك الزعماء السياسيين في سوريا أو لبنان لمعالجة هذه القضية. وأكدنا لهن أننا نفعل.

الثلاثاء، ديسمبر ٠٥، ٢٠٠٦

بيروت مدينة المظاهرات

بيروت_ مدينة المظاهرات
حتى صباح هذا اليوم، استحوذت صور حشود المتظاهرين خارج مكتب رئيس الوزراء وسط بيروت على تغطية وسائل الإعلام حول العالم
عندما وصلنا لمكتب رئيس الوزراء عبر الحواجز الأمنية كان مخيم المتظاهرين هادئا
على النقيض من ذلك وفي المساء كان الميدان مكتظا بالمتظاهرين والذين كان باستطاعتنا سماع هتافاتهم من على بعد أثناء عبورنا الحواجز الأمنية أثناء توجهنا إلى الأستوديو لأجراء مقابلة على الهواء مباشرة لإحدى محطات التلفزة البريطانية..
على احد جوانب الطريق المكتظة بالخيام و الأسرة، كان بعض الجنود محتمين خلف دباباتهم بينما كان البعض الآخر نائما على السرائر المقامة على جانب الطريق. وعلى الجانب الآخر من الشارع كان هناك فتى يهتف متنقلا بين الخيام و السرائر.
على وجه المفارقة، بينما صنعت مظاهرات بيروت عناوين الأخبار,كنا بالأمس في الجنوب,حيث كانت الإشارة الوحيدة للتظاهرات على لسان رئيس بلدية قانا الذي أكد على أن الحكومة عاجزة على أداء عملها لإعادة الأعمار.
الحياة السياسية على الطريقة اللبنانية

اندهش رؤساء تحرير الصحف لأن منظمة العفو الدولية تمكنت من مقابلة أعلى ثلاث سلطات سياسية في لبنان، وهو الأمر الذي لم تتمكن من القيام به وفود كثيرة عالية المستوى أثناء زيارتها لهذا البلد في ظل تلك المحنة التي تمر بها.

وقد بدأنا يومنا بزيارة إلى قصر بعبدا المطل على بيروت لمقابلة الرئيس أميل لحود، ثم توجهنا إلى ما يعرف الآن بالسراي والتي يرجع تاريخه إلى العصر العثماني و تتواجد به حاليا مكاتب رئيس الوزراء السنيورة والتي تظهر في شتى وسائل الأعلام حول العالم كخلفية للمظاهرات التي تشهدها بيروت الآن. وقد اختتمتا جولتنا بزيارة المتحدث باسم البرلمان اللبناني الأستاذ نبيه بري.

في ظل المناخ السياسي السائد حاليا في لبنان كان ذهابنا لمقابلة هذه الرموز السياسية الرئيسية في لبنان بمثابة زيارة مراكز قيادة وسيطرة للأزمة حيث أنها تمثل المحطات الأولى للوسطاء الدوليون الذين يحاولون مد الجسور السياسية بين هذه السلطات الثلاث.
إسرائيل تدمر الرمز سئ الصيت لاحتلالها للبنان
ست سنوات مضت منذ زيارتي الآخيرة لمخيم الخيام في لبنان. كان ذلك بعد أيام قليلة من انسحاب جيش جنوب لبنان للسجن عقب الانسحاب السريع للقوات الإسرائيلية. لقد عملت لسنوات طويلة مع الأخريين من أجل تسجيل ما حدث في الزنزانات المظلمة والقذرة لهذا هذا السجن من عمليات التعذيب والتي شملت التحقيق المتواصل الذي لا يرحم مع المعتقلين وأكياس الرأس القذرة والضرب بقضيب كهربائي والرش بالماء قبل صعقهم بالكهرباء. في آيار عام 2000 وبعد تحرير معتقلي الخيام, كان الجو مشحونا بالفرحة والإبتهاج, كان الناس الرجال والنساء والأطفال يحتفلون يشهدون نهاية كابوسهم المظلم.

شاهدت اليوم عودة الجيش الإسرائيلي لمخيم الخيام، وتدميرهم المتعمد للسجن الذي تم تحويله إلى متحف. كان وجه من وجوه حرب الصيف التي حصدت القليل من الاهتمام، تعمد فيها الجيش الإسرائيلي تدمير هذا الرمز الصارخ و الصامد للتعذيب واليأس الذي شهده هذا السجن.
لكن على الرغم من إصرارهم فقد نجت بعض الزنازين الإنفرادية بالإضافة إلى القضبان الكهربائية التي كان السجناء يربطون حولها ويتم تعريتهم من ثيابهم ثم يضربون ويصعقون بالكهرباء هم معصوبوا الرأس,

لقد اسفر القصف الإسرائيلي عن انحناء القضيب ولكنه ظل واقفا. إن ذكريات ماحدث في الخيام لا يمكن أن تمحى من أذهان واجساد الذين اعتقلوا هناك وعائلاتهم كما ستبقى هناك حاجة ماسة لتحقيق العدالة..,
كلوديوا كوردون، رئيس الباحثيين في منظمة العفو الدولية
سيدة معتقل الخيام

اتخذ استقبالنا عند وصولنا إلى سجن الخيام طابعا رسميا حيث كانت هناك حشودا عند مدخل السجن واطفال يلوحون بالعلم اللبناني كما قدمت طفلة لبنانية لي باقة من الورود. وسرعان ما تلاشى الطابع الرسمي عندما بدأت الحديث مع مجموعة من النساء التي كانت في استقبالنا.

وقد حاولت سيدة مسنة بمشقة اخبارنا عن التعذيب البدني والنفسي الذي خضعوا إليه.
"نعم، لقد حصلنا على المساعدة لعلاج الآثار النفسية ولكن قلة منا هي التي تمكنت من معالجة الآثار النفسية للتعذيب.
أيرين خان، الأمينة العام لمنظمة العفو الدولية

الاثنين، ديسمبر ٠٤، ٢٠٠٦

الحرب من وجهة نظر العاملين في الصليب الأحمر

توقفنا في صيدا لزيارة منظمة الصليب الأحمر, حيث قابلنا فريق من المتطوعين الشباب يرتدون الزي البرتقالي حيث فقدوا ستة من أصدقائهم في الحرب الأخيرة. وقد أكدوا مرارا كيف أنهم لم يفهموا كيف قامت القوات الإسرائيلية بالاستخفاف برمز الصليب الأحمر. وليس هذا فقط بل التدمير المتعمد للطرق و الجسور والذي ترتب عليه حاجتهم لوقت أطول, فالضحايا الذين كان من الممكن الوصول أليهم خلال عشرين دقيقة وقت السلام احتاجوا ثلاث ساعات للوصول إليهم خلال الحرب.
لقد تحدثوا عن ماشاهدوه خلال الحرب: أحد العاملين قال بأن أصعب ما كان عليه مواجهته هو جمع أشلاء الجثث, واكتشاف أن الأشخاص الذين توفوا كان من الممكن إنقاذهم ببساطة. حيث أنهم قد توفوا لأن المساعدة لم تتمكن من الوصول إليهم بوقت أبكر بسبب القصف الجائر. واضاف آخر: " لم أتمكن من البقاء بجوار زوجتي عندما ولدت ابننا في أحد الملاجئ, لأنه كان علي إنقاذ أشخاص أخرين.".بينما أضاف أخر أصيب بقذيفة قائلا: " حتى لو أخبروني بأنه قد تم قصف الجسور لقمنا بتشكيل سلسلة بشرية وحملنا المصابين و التجهيزات الطبية عبر النهر
قانا


في 30 يوليو وصلت الباحثة في منظمة العفو الدولية إلى بلدة قانا قبيل ساعات من قيام القوات الإسرائيلية بقصف المنزل والذي كان أوى إليه عدد من المدنيين مما أدى إلى مقتل 29 مدنيين 23 منهم من الأطفال على حسب رواية عمدة البلدة.

وقد صاحبنا العمدة إلى الموقع الذي شهد مقتل 102 مدنيا قبل عشرة سنوات عندما قامت القوات الإسرائيلية بقصف مقر قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة. وبجوار موقع المذبحة كان هناك المقبرة الجماعية والتي جمعت أشلاء رجال ونساء وعلى حسب قول عمدة البلدة فأن هذه المقبرة هي الوحيدة في لبنان التي تضم رجالا ونساء مسلمين ومسحيين لان أغلب الجثث كانت مشوهة ومحترقة وكان من المستحيل التعرف على أصحابها.

ومن هناك، توجهنا إلى المقبرة الجديدة التي جمعت اشلاء القتلى الذين سقطوا في اغسطس الماضي. وهناك شاهدنا صورا لأطفال مبتسمين وأمهات فخورات بابنأهم ولكنهم الآن راقدين تحت التراب. وقفت أنا (أيرين خان) والعمدة نصلي على أرواح القتلى ثم مشينا في اتجاه بقايا المنزل الذي شهد المذبحة.

وببطء ظهرت أربع نساء ورجل على كرسي متحرك من المنزل المجاور وهم من الناجين من القصف. وقد اخبرونا أنهم لم يستطيعوا مغادرة قانا أثناء القصف بسبب الرجل المعاق ولذلك فقد التجئا إلى المنزل لانه كان ذو طابقين واعتقدوا أنهم سيكونوا في مأمن إذا مكثوا في الطابق الاسفل. وقد قضوا 18 يوما في مساحة صغيرة لم يخرجوا منها إلا لفترات قصيرة للبحث عن الغذاء والماء. ولقد عانى الأطفال من هذه الحالة حيث لم يستطيعوا الخروج للعب في الخارج. وفجأة وبعد حلول الليل وبعد أن ذهبوا جمعيا إلى النوم سمعوا صوت انفجار ضخم. وقالت إحدى السيدات إنها كانت تسطيع سماع طفلتها ذات العامين تبكي ولكنها لم تتمكن من تحديد مكانها بسبب الركام الناتج عن الانفجار. وقد رقدت تحت الأنقاض في حالة من اليأس وهي تستمع إلى بكاء طفلتها يخبو مع الوقت حتى اختفى الصوت تماما وعندها علمت أن ابنتها قد توفت. وبعد فترة تمكنت المرأة من الخروج من تحت الركام وبعدها علمت أن أبنتها الكبرى ذات ال أربعة سنوات قد لقت حتفها أيضا.
ذهب أحد الأشخاص إلى المنزل واحضر قصاصات من الصحف كانت تشير إلى عمليات الإنقاذ وأخرى تصور جثاميين الفتاتتين على عربة يد بالإضافة إلة جثة لرضيع وحول عنقة مصاصة. الأم كانت تقوم بإرضاع الطفل عندما قصف المنزل. صرخت المرأة هل رأى العالم ما حدث لهذا الطفل.

التقطت سيدة أخرى قصاصة أخرى وقامت بالإشارة إلى صورة لجثة ابنتها فاطمة ذات الأربع أعوام ثم همست إلينا "لم تجرح، لقد اصيبت بكدمة فوق جبهتها فقط.
وقالت اخت المرأة إنها قامت بانتشال الطفلة من تحت القصف بالرغم من أنها كانت تعلم أنها ميتة ثم سمعت شخصا يتأوه في الظلام وعندما توقفت لمساعدته طلب منها الذهاب وطلب المساعدة ولكنها علمت بعد ذلك أن الرجل قد توفى وأنه أبوها.
الواقع القاتل للحرب: القنابل العنقودية
مازلنا أمام موقع الصليب الأحمر، حيث واجهتنا حقيقة أن الحرب قد تكون انتهت إلا إن تبعاتها القاتلة مازلت تمثل جزء من الواقع اليومي. قال أحد المتطوعين، نحن نستلم مكالمة أو اثنتين يوميا تفيد بفقد شخصا ما لأحدى أطرافه أو إصابته بجروح بسبب انفجار قذيفة أو قنبلة لم تنفجر بعد.

بعد عودتنا إلى الطريق مرة أخرى شاهدنا عددا من المنازل المهجورة وعليها علامات حمراء تحذر من قنابل عنقودية بالإضافة إلى أسهم تشير إلى ثلاث اتجاهات.

لقد خططنا لمقابلة طفل عمره 11 عاما فقد كلتا رجليه عندما انفجرت إحدى القنابل العنقودية اثناء لعبه في الحقل. لقد اخبرونا أن الطفل يعيش في أحد مخيمات اللاجئين. وبالرغم من أن الحرب قد غيرت العديد من الأشياء إلا أنها لم تغير من الواقع الذي يعيشه الفلسطينيين في لبنان.

يحناج الأجانب إلى تصريح لزيارة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. اعتقدنا في البداية اننا حصلنا على التصريح ولكن اكتشفنا اننا لم نحصل عليه بعد وقد اخبرنا بذلك احد الجنود اللبنانيين المكلف بحراسة احدى نقاط التفتيش خارج المخيم. وبالرغم من سماح الجنود في نقطة التفتيش بعبور سيارة مليئة بالرجال الملتحين فأنهم اوقفوا سيارة وفد منظمة العفو الدولية وبعد إطلاعهم على جوزات السفر الخاصة بأعضاء الوفد طلب منا الجنود بأدب ولكن بحزم في نفس الوقت بمغادرة المكان والعودة من حيث جئنا.و في الكرسي الخلفي للسيارة وجدنا لعبة على هيئة باص لندن الشهير والذي ذكرنا بضحايا الحرب من الأطفال.
من بيروت إلى جنوب لبنان


عندما اجتمعنا في بهو الفندق في صباح هذا اليوم للتجهز للانطلاق في أول يوم من وصول بعثتنا إلى لبنان للذهاب إلى جنوب لبنان. كان ضمان سلامتنا من أول أولوياتنا. تم وضع صندوق الإسعافات الأولية في الصندوق الخلفي للسيارة وتم تحذيرنا من القنابل العنقودية التي لم تنفجر بعد.
ولكن ما أن انطلقنا في طريقنا حتى راودنا شعور بالطمأنينة, وكما في صباح أي يوم أحد, كان البائعون مشغولون بفتح محلاتهم وعرض فاكهتهم وخضرتهم النضرة, وكانت الطرق لم تزدحم بعد. يا لها من صورة معاكسة للمشاهد الحية للمسيرات الجماعية في وسط بيروت التي سيطرت على شاشات التلفزة مؤخرا.
وما أن مررنا بالضاحية الجنوبية لبيروت, حتى اختفت المشاهد الجميلة التي تصلح لأن تكون بطاقات معايدة, وحل محلها تذكير قوي للبلد الذي نجى من حرب مدمرة قتلت أكثر من ألف شخص ودمرت بنيته التحتية. بالقرب من المطار كان هناك جبل كبير من الأنقاض التي جمعت من المواقع التي تم تفجيرها في بيروت. بعد بضعة تقاطعات قدنا السيارة بعيدا عن الطريق العام باتجاه طرق جانبية لتفادي الفجوات و الحفر التي كانت يوما من الأيام جسورا.
وعلى الطريق شاهدنا المزيد من الآثار المريعة المستمرة للحرب على البيئة. في الجييه شاهدنا العاملين وهم مازالوا يعملون على تخفيف الضرر الذي لحق بالبيئة من جراء تفجير صهاريج البترول وتسريب محتواها في البحر المتوسط مكونة طبقة صقيلة. كان البحر أزرق متلألأ, ولكن من غير زوارق قي الأفق. وقد كان الصيادون اللبنانيون عانوا وبشدة خلال الحرب ومغباتها تم تفجير بعض الموانئ والبعض الأخر توقف عن العمل لأسابيع عديدة بسبب الحصار المفروض عليهم, وحتى بعد رفع الحصار فتسريب البترول منعهم من رزقهم